عظم ثواب الصبر على البلاء

بسم الله والحمدّ لله والصلاة والسلام على رسول الله
أما بعد فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنّ عظم الأجر مع عظم البلاء" وقال أيضا: "من يردْ الله به خيرا يصبْ منه" هذان الحديثان يأمران ويؤكدان عظم ثواب الصبر لأنّ الرسول أفهمنا من كلامه أنه من لا يبتليه الله بالبلاء ويتركه يتقلب في الرخاء والنعيم هذا ليس له عند الله درجة عالية، فالذي يحبه الله تعالى من المؤمنين يبتليه بالبلاء إما في جسده بكثرة الأمراض وإما في ماله بشدة الفقر وإما بفقدان من يعزّ عليه من الأهل والأصحاب والأصدقاء.
وقد ورد في الحديث الشريف الذي رواه الإمام أحمد في مسنده أن شخصا عرض على النبيّ ابنته وكانت شديدة الجمال وقال إنها لم تمرض قط فقال صلى الله عليه وسلم: "لا حاجة لي فيها" وذلك لأنّ خيار الناس هم الذين يصابون في هذه الدنيا بالمصائب، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أشد الناس بلاء الأنبياء ثمّ الأمثل فالأمثل انّ الرجل يبتلى على حسب دينه فمن كان في دينه صلبا اشتدّ بلاؤه ومن كان غير ذلك كان بلاؤه على حسب دينه" رواه الترمذيّ
فأشد الناس بلاء في هذه الدنيا الأنبياء لأنهم أفضل خلق الله تعالى ويعظم لهم الأجر فوق الأجر الذي نالوه بأعمالهم الصالحة ويعطيهم قوة الصبر أكثر من غيرهم فهذا ءادم عليه السلام الذي هو أول الرسل والأنبياء أصابه بلاء عظيم.
- يذكر أمر خروجه من الجنة حيث النعيم المقيم إلى الأرض دار البلايا
- قصة سيدنا إبراهيم وما لاقاه من أذى الكفار ورميهم له في النار العظيمة فلم تحرقه ولا
ثيابه.
- قصة سيدنا يحيى بن زكريا الذي استفتاه ملك كان في وقته بعد أن عرضت عليه زوجته التي
كبرت في السن أن تزوجه ابنتها وكانت شديدة الجمال قال لها حتى استفتي يحيى فاستفتاه
فقال له حرام وكانت تعلقت نفسه بها فقالت له تلك الخبيثة اقتل يحيى فأطاعها كفر بالله من
أجل الوصول إلى البنت فقتله وقطع له رأسه ووضعه في طست أي طشت وأرسله لها فأصاب
هذا الدم بعضه بقعة من الأرض فظل يغلي حتى جاء أناس قتلوا من رعيه هذا الملك سبعين ألفا عندها هدأ الدم ثمّ دفن رأس سيدنا يحيى ورجله ويده وجسمه كل في مكان وعلى ما يقول بعض المؤرخين رأسه في الشام في المسجد الأموي الكبير وجدت مغارة بجانب المسجد فاعلم الخليفة الوليد بن عبد الملك ففتحت المغارة بعد غروب الشمس فوجدوا صندوقا مربعا مقفلا فأمر الخليفة بفتحه فوجدوا فيه رأس سيدنا يحيى لم يتغيّر ووجدوا في الصندوق لوحا من رخام مكتوب عليه هذا رأس يحيى بن زكريا.
- قصة سيدنا نوح وضرب الكفار له حتى يغشى عليه واستهزائهم به عند بناء السفينة.
- قصة سيدنا عيسى ومحاولة اليهود قتله لكنّ الله رفعه إلى السماء.
- بلاء سيدنا محمد من موت زوجته وعمه أبي طالب واشتداد أذى الكفار لهم ورميهم لسلى الجذور وقتل الكفار لسبعين من أصحابه وشدة المرض عليه حتى صارت سيدتنا عائشة تعرف بالطب وغيرها من الأمور.
- ثمّ انّ الأولياء من أشد الناس بلاء بعد الأنبياء فقد جعل الله حظهم في البلاء أكثر من غيرهم.
الذي يرزقه الله تعالى الثبات على الدين في هذه الدنيا والعمل الصالح يكثر عليه البلاء وليعلم أنّ هذا خير له فلا يقل لو كانت العبادة تنفعني لما أصابتني هذه البلايا فالذي يقول هذا مفتون ينقلب على عقبيه فيهلك يصير من الخاسرين فعليه أن يصبر ويحمد الله على كل حال ويذكر قول الله تعالى: {وبشِّر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون}.